قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ

 


قال المؤلف رحمه الله تعالى فيما رواه عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ ) يعني أن هذين الجنسين من النعم مغبون فيهما كثير من الناس أي مغلوب، مغلوب فيهما وهما الصحة والفراغ وذلك أن الإنسان إذا كان صحيحا كان قادرا على ما أمره الله به أن يفعله وكان قادرا على ما نهى الله عنه أن يتركه لأنه صحيح البدن منشرح الصدر مطمئن القلب كذلك الفراغ إذا كان عنده ما يؤويه وما يكفيه من مؤونة فهو متفرغ فإذا كان فارغا صحيحا فإنه يغبن كثيرا في هذا لأن كثيرا من أوقاتنا تضيع بلا فائدة تضيع أوقات كثيرة ونحن في صحة وعافية وفراغ ومع ذلك تضيع علينا كثيرا ولكننا لا نعرف هذا الغبن في الدنيا إنما يعرف الإنسان الغبن إذا حضره أجله وإذا كان يوم القيامة دليل ذلك قول الله تعالى (( حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون لعلي أعمل صالحا فيما تركت )) وقال عز وجل في سورة المنافقين (( من قبل أن يأتي أحدكم الموت فيقول رب لولا أخرتني إلى أجل قريب فأصدق وأكن من الصالحين )) قال الله عز وجل (( ولن يؤخر الله نفسا إذا جاء أجلها والله خبير بما تعملون )) الواقع أن هذه الأوقات الكثيرة تذهب علينا سدى لا ننتفع منها ولا ننفع أحدا من عباد الله ولا نندم على هذا إلا إذا حضر الأجل يتمنى الإنسان أن يعطى فرصة دقيقة واحدة لأجل أن يستعتب ولكن لا يحصل له ثم إن الإنسان قد لا تفوته هذه النعمة بل قد لا تفوته هاتان النعمتان الصحة والفراغ بالموت قد تفوته قبل أن يموت قد يمرض ويعجز عن القيام بما أوجب الله عليه قد يمرض ويكون ضيق الصدر لا ينشرح صدره ويتعب وقد ينشغل بإيجاد النفقة له ولعياله حتى تفوته كثير من الطاعات لهذا ينبغي للإنسان العاقل أن ينتهز فرصة الصحة والفراغ بطاعة الله عز وجل بقدر ما يستطيع إن كان قارئا للقرآن فليكثر من قراءة القرآن إن كان لا يعرف يكثر من ذكر الله عز وجل إذا كان لا يمكن يأمر بالمعروف ينهى عن المنكر يبذل لإخوانه كل ما يستطيع من معونة وإحسان فكل هذه خيرات كثيرة تذهب علينا سدى فالإنسان العاقل هو الذي ينتهز الفرص فرصة الصحة وفرصة الفراغ


وفي هذا دليل على أن النعم نعم الله تتفاوت بعضها أكبر من بعض وهو كذلك وأكبر نعمة ينعم الله بها على العبد نعمة الإسلام، نعمة الإسلام التي أضل الله عنها كثيرا من الناس قال الله تعالى (( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا )) فإذا وجد الإنسان أن الله قد أنعم عليه بالإسلام وشرح الله صدره له فإن هذه أكبر النعم ثم نعمة العقل فإن الإنسان إذا رأى مبتلى في عقله لا يحسن التصرف وربما يسيء إلى نفسه وإلى أهله حمد الله على هذه النعمة فإنها نعمة عظيمة

ثالثا نعمة الأمن في الأوطان فإنها من أكبر النعم ونضرب لكم مثلا لما سبق عن آبائنا وأجدادنا من المخاوف العظيمة في هذه البلاد حتى إننا نسمع أنهم إذا خرجوا إلى الصلاة صلاة الفجر لا يخرج الإنسان إلا بسلاح يخشى أن يعتدي عليه أحد ثم نضرب مثلا في حرب الخليج التي مضت في العام الماضي كيف كان الناس خائفين حتى أصبح الناس يلطسون درائشهم بالشمع خوفا من شيء متوهم أن يرسل عليهم وصار الناس في قلق عظيم فنعمة الأمن لا يشابهها نعمة غير نعمة الإسلام والعقل

كذلك الرابع مما أنعم الله به علينا ولاسيما في هذه البلاد رغد العيش يأتينا من كل مكان نحن في خير عظيم ولله الحمد البيوت ملآنة من الأرزاق والسماطات يجعل فيها من الأرزاق ما يكفي.الشيخ محمد بن صالح العثيمين / رياض الصالحين

شرح رياض الصالحين-18a


المشاركة التالية المنشور السابق
No Comment
Add Comment
comment url